ج ١٣، ص : ٢٤٢
قوله تعالى :« أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ.. ساءَ ما يَحْكُمُونَ »
..
هو تهديد لهؤلاء الذين دعوا إلى الحق، فلم يستجيبوا، ورفعت لهم معالم الاستبصار، فلم يبصروا ـ فهؤلاء لهم عذاب شديد، على حين أن الذين آمنوا واهتدوا سيلقون من اللّه سبحانه ورحمة ورضوانا.. فهذا هو ميزان الناس عند اللّه إنه ميزان عدل، لا يسوى فيه بين من « اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ »
أي اقترفوا الآثام والمنكرات، وبين الذين آمنوا وعملوا الصالحات.. فهؤلاء غير أولئك، فى الدنيا وفى الآخرة جميعا.. إنهم ليسوا سوآء عند اللّه فى الدنيا أو فى الآخرة.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى فى موضع آخر :« أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ » (٢٨ : ص)..
فالمؤمنون على هدى من ربهم فى الدنيا، وفى الآخرة، يؤنسهم الإيمان فى الدنيا، ويملأ قلوبهم أمنا وطمأنينة، وهم بهذا الإيمان يلقون ربهم فى الآخرة، فينزلهم منازل رحمته ورضوانه.
أما الكافرون وأهل الضلال، فهم من كفرهم وضلالهم، لا يجدون برد الطمأنينة فى الدنيا، ولا ريح الرحمة فى الآخرة.. وذلك هو الخسران المبين..
وفى قوله تعالى :« اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ »
إشارة إلى أن اقتراف السيئات، لا يكون إلا بجرح فضيلة من الفضائل، وبعدوان على حق من الحقوق..


الصفحة التالية
Icon