ج ١٣، ص : ٣٠٦
وقوله تعالى :« أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ » هو حكم على الكافرين بفساد أعمالهم كلها، وردّ اللّه سبحانه وتعالى لها، وعدم قبولها منهم، حتى ولو كانت مما يحسب فى الأعمال الصالحة.. فكل عمل لا يزكيه الإيمان باللّه، هو عمل ضائع، ضال.. لا يعرف له طريقا إلى مواقع الرضا والقبول من اللّه.
قوله تعالى :« وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ ».
هو بيان للوجه الآخر من وجوه الناس، وهم الذين آمنوا باللّه، ثم أتبعوا إيمانهم باللّه، الأعمال الصالحة، التي هى ثمرة الإيمان باللّه، فمن آمن باللّه، كان مطلوبا منه، بمقتضى هذا الإيمان، أن يستجيب للّه، وأن يستقيم على طريق الحق والخير، بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه..
وقوله تعالى :« وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ » هو إيمانهم بالرسالة الإسلامية التي جاء بها النبىّ، بعد الإيمان الذي تلقاه المؤمنون من الرسالات السماوية السابقة، أو دلّتهم عليه عقولهم..
فمن كان مؤمنا باللّه قبل الرسالة المحمدية، كان من شأن إيمانه هذا، أن يدعوه إلى الإيمان بتلك الرسالة لأنها دعوة مجددة إلى الإيمان باللّه..
والإيمان باللّه، طريق واحد، يلتقى عليه المؤمنون جميعا.. وإنه ليس للمؤمنين باللّه طريقان، بل هو طريق واحد.. فمن كان على غير هذا الطريق فهو ليس من المؤمنين، كما يقول اللّه سبحانه :« وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً » (١١٥ : النساء).


الصفحة التالية
Icon