ج ١٣، ص : ٤٥١
وقوله تعالى :« وَلا تَجَسَّسُوا » أي لا تتبعوا مساوئ بعضكم، ولا تكشفوا عما ستره اللّه من عيوبكم..
وقوله تعالى :« وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً » أي ولا يتحدث بعضكم عن بعض بمكروه فى غيبته..
وقوله تعالى :« أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ »..
هو تشنيع على الغيبة، وازدراء وتنديد بأهلها، إنهم أسوأ من أخس الحيوانات موقفا، وأنزلهم منزلة.. إنهم يأكلون لحم إخوانهم، والحيوانات تعاف أن يأكل الجنس لحم جنسه.. وليس هذا وحسب، بل إنهم ليأكلون هذا اللحم ميتا، متعفنا، وكثير من الحيوانات ـ كالأسود مثلا ـ تعاف أكل الميتة، ولو ماتت جوعا..!!
فهذا مثل ضربه اللّه سبحانه وتعالى للمغتاب.. فإنه إذ يغتاب شخصا ما، فإنما ينهش عرضه، وهو غائب دون أن يملك صاحبه أن يدفع هذه السهام التي تفرى جلده، وتنفذ إلى عظمه.. تماما كشأنه لو كان ميتا، ثم جاء هذا المغتاب إلى جسده، وأعمل فيه أسنانه، وأكله كما تأكل الذئاب جريحها.. إنه لا يملك من أمره شيئا..
وقوله تعالى :« فَكَرِهْتُمُوهُ ».
. هو تعقيب على هذا الجواب المحذوف الذي تنطق به الحال من قوله تعالى :« أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً » ؟ والجواب على هذا، جواب واحد، لا خلاف عليه، وهو :« لا »..
فكان التعقيب على هذا الجواب : أما هذا « فَكَرِهْتُمُوهُ ».
. وأما شبيهه ومثيله فما زال طعمه حلوا فى أفواهكم، فاكرهوه كما كرهتم مثيله طبيعة « وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ » يقبل توبتكم إن أنتم نزعتم عن هذه المنكرات واستقمتم على طريق الإيمان..