ج ١٣، ص : ٤٥٨
«إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا ».
. هذا هو الإيمان فى صميمه.. أمّا الإيمان الذي يهتزّ كيانه فى قلب الإنسان لأى عارض، ويتضاءل شخصه عند أي بلاء، فهو إيمان غير خالص، بل هو مشوب بآفات كثيرة من الشك، وسوء الفهم، فإذا وضع على محك التجربة والامتحان، ظهر ما فيه من ضعف، فلم يحتمل صدمة التجربة، ولم يصمد أمام تيار الامتحان.
وقوله تعالى :« وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ».
. وهذا هو مجال الامتحان لإيمان المؤمنين.. فمن آمن باللّه ورسوله، ووقع منه هذا الإيمان موقع القبول واليقين، لم ينكل عن دعوة الجهاد فى سبيل اللّه بماله ونفسه، بل يقدم ماله ونفسه قربانا للّه، فى رضا وغبطة..
وفى الآية الكريمة إشارة إلى أن الجهاد بالمال والنفس، هو الميدان الذي يمتحن به إيمان المؤمنين، والذي به تظهر حقيقة ما فى قلوبهم من إيمان..
فالمؤمن، قد يصلىّ، ويصوم، ويحجّ، ويزكى، ولكنه حين يمتحن فى ماله أو نفسه بالجهاد فى سبيل اللّه، يضنّ بماله، ويحرص على سلامة نفسه، وعندئذ يعلم حقيقة إيمانه، وأنه لم يستوف حقيقة الإيمان بعد.. واللّه سبحانه وتعالى يقول :« وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ »
ويقول سبحانه :« أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ.. » (٢، ٣ : العنكبوت).
وقوله تعالى :« أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ».
. هو الوصف الذي يستحقّه الذين آمنوا باللّه ورسوله ولم يرتابوا، وجاهدوا فى سبيل اللّه بأموالهم وأنفسهم، وهو أنهم مؤمنون حقا.. قد صدّق فعلهم قولهم..