ج ١٣، ص : ٨٩
التفسير :
قوله تعالى :« وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ »..
[مفهوم جديد.. للحروف فى أوائل السور] بهذه الآية، والآيتين التي بعدها، تختم السورة الكريمة.. وبهذا الختام، يتم التلاقي بين بدئها وختامها.. فقد بدئت السورة ب قوله تعالى :« حم عسق كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ » وختمت ببيان الصور التي يتم بها الاتصال بين اللّه ورسله، والتي يتلقّون بها كلماته وآياته.. وأن هذه الصور لا تخرج عن أحوال ثلاث..
الصورة الأولى : أن يكون ذلك الاتصال بين اللّه ورسله « وَحْياً » أي رمزا وإشارة، بحيث لا يعرف دلالة ما يوحى اللّه سبحانه به إلى الرسول ـ إلا الرسول وحده..
والصورة الثانية : أن يكون الاتصال بأن يكلم اللّه الرسول بكلماته التي يريد سبحانه إلقاءها إليه، وذلك من وراء حجاب، أي من غير أن يرى الرسول ذات المتكلم، سبحانه وتعالى، حيث لا يمكن أن تقع هذه الرؤية لأبصارنا المحدودة الكاملة، التي لا تتعامل إلا مع ما هو محدود، واللّه سبحانه وتعالى منزّه عن التجسد، والحدّ.. ولهذا كان قول اللّه لموسى حين قال :
« رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ».
. « قالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ » (١٤٣ الأعراف).


الصفحة التالية
Icon