ج ١٣، ص : ٩٧
فى الوحى الموحى به بوساطة الملك السماوي، جاء كذلك فى الوحى الموحى به من عند اللّه سبحانه وتعالى، بغير واسطة.. واللّه أعلم.
قوله تعالى :« وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ ».
الإشارة هنا إلى قوله تعالى :« أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ.. »
أي وكما أرسل اللّه رسولا علويّا يوحى بإذنه ما يشاء إلى أنبيائه، كذلك أرسل هذا الرسول، إلى النبىّ الكريم، يحمل إليه من آيات ربه وكلماته، ما أذن اللّه سبحانه وتعالى به من وحي.. وفى هذا إشارة إلى الصورة الثالثة من صور الوحى، والتي كانت هى الصورة الغالبة على تلقّى رسول اللّه ما يتلّقى من وحي ربه..
أما الصورة الأخرى التي كان يتلقى فيها النبي كلمات ربه، فهى ما أشار إليه سبحانه وتعالى فى أول هذه السورة بقوله :« حم عسق كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ».
. فالإشارة هنا، إلى هذه الأحرف المقطعة التي تلقاها النبي ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ وحيا من ربه، دون وساطة رسول سماوى.. على ما ذهبنا إليه من تأويل لهذه الآية، والذي نرجو أن يكون على منهج الحق والصواب.
والروح فى قوله تعالى :« وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا » يحتمل دلالتين : أولاهما : الدلالة على رسول الوحى، وهو جبريل عليه السلام، فهو روح من عند اللّه.. كما يقول اللّه سبحانه وتعالى فيه :« نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ » (١٩٣ ـ ١٩٤ الشعراء)


الصفحة التالية
Icon