ج ١٤، ص : ١٠٠٦
ينتهى عندها الأمر، إلى مراجعة، أو طلاق ـ كان الرجل بالخيار، إما أن يمسك مطلقته بمعروف، أو يفارقها بمعروف، فلا يكون إمساكه لها للضرار والنكاية، ولا يكون فراقها للانتقام والتشفي.. وإنما الذي يقضى به شرع اللّه، أن يكون كلّ من الإمساك، أو الفراق، قائما على العدل، والإحسان، وتجنب البغي والعدوان.. ثم أن يكون هذا، وذاك، بمحضر من شاهدى عدل يشهد ان المراجعة، أو الفراق.. وهذا الإشهاد مندوب إليه عند أبى حنيفة، أمّا عند الشافعي، فهو واجب فى الرجعة، مندوب إليه فى الفرقة..
وفائدة هذا الإشهاد، هو ألا يقع بينهما التجاحد، ولئلا يموت أحدهما فيدّعى الآخر ثبوت الزوجية ليرث، فى حال أنّ الفراق قد تم بينهما.
وقوله تعالى :« ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ » أي ذلك التدبير الذي دبره اللّه سبحانه وتعالى، وتلك الحدود التي رسمها لهذا الأمر، إنما يوعظ به، ويستقيم عليه من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر، فيحول هذا الإيمان بينه وبين التعدّى على حدود اللّه..
وقوله تعالى :« وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً » أي ومن يلتزم حدود اللّه، ويراقب ربه ويخش سلطانه ـ يجعل له مخرجا مما هو فيه، من معاناة وضيق، وهو فى مواجهة هذا الموقف، الذي تتغير فيه حياته.. فإذا اتقى اللّه، ولزم حدوده، اختار له اللّه سبحانه وتعالى الطريق المستقيم، الذي يتبدل فيه حاله من ضيق إلى سعة، ومن همّ إلى فرج، سواء أكان ذلك بإمساك الزوجة أو فراقها، أو فى أي أمر من أمور الحياة يعرض له، فإن تقوى اللّه فى هذا الأمر، كفيلة بأن تبلغ به مرفأ الأمن والسلام


الصفحة التالية
Icon