ج ١٤، ص : ١٠٠٧
قوله تعالى :« وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً »..
هو معطوف على قوله تعالى :« يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ».
. وهو واقع فى جواب الشرط :« ومن يتق اللّه »..
وقد جاء أحد جوابى الشرط فاصلة للاية.. ثم جاء الجواب الثاني بدءا لآية أخرى.
وهذا الفصل بقوله تعالى :« مَخْرَجاً » ليس لرعاية الفاصلة، كما يذهب إلى ذلك علماء البلاغة وأكثر المفسرين.. فإن كلام اللّه تعالى منزه عن أن تحكمه الضرورات التي تحكم أعمال البشر، من شعر ونثر..
وإن هذا الفصل لهو إعجاز من أعجاز القرآن.. هذا ما ينبغى أن نستيقنه، سواء اهتدينا إلى مواقع هذا الإعجاز، أو لم نهتد إليها..
والذي نقوله ـ واللّه أعلم ـ إن قوله تعالى :« وَمَنْ يَتَّقِ » هو شرط يواجه به كل من الزوج والزوجة.. وأما الجوابان، وهما :« يجعل له مخرجا » ثم « ويرزقه من حيث لا يحتسب » فأولهما الزوج، الذي وعده اللّه سبحانه بأن يجعل له مخرجا، إذا هو اتقى اللّه.. وأما الجواب الآخر، فهو الزوجة، التي وعدها اللّه سبحانه، بأن يرزقها من حيث لا تحتسب، ولا تقدّر، إذا هى اتقت اللّه، فى موقفها من زوجها فى فترة العدة..
وهذا لا يمنع من أن يكون ذلك الشرط، وجواباه، للعموم، بمعنى أن كلّ من اتقى اللّه، يجعل اللّه له مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب.. ولكن لمّا كان ذلك فى مواجهة الزوجين، المزمعين على الفراق، جاءت الجملة الشرطية ضابطة لحالهما فأعطت كلّا منهما ما يناسبه.. ثم كان منها هذا الشمول الذي يسع الناس جميعا.


الصفحة التالية
Icon