ج ١٤، ص : ١٠٢٤
وقوله تعالى :« يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ » ـ ليس عتابا، كما يبدو.
وإنما هو دعوة من اللّه سبحانه وتعالى ـ فى لطف ورفق ـ إلى النبي صلوات اللّه وسلامه عليه ألا يحرم ما أحل اللّه له، وألا يشق على نفسه بالأخذ باليمين الذي حلف بها، وقد جعله اللّه سبحانه وتعالى فى سعة من أمره، بالتحلّه من هذه اليمين، وذلك بالكفارة عنها.
وقوله تعالى :« تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ » حال من فاعل الفعل « تحرم » وهو النبي صلوات اللّه وسلامه عليه، أي لم تحرم ما أحل اللّه لك، مبتغيا بهذا التحريم مرضاة أزواجك.
قوله تعالى :« وَاللَّهُ غَفُورٌ » ـ هو دعوة للنبى الكريم إلى أن يتحلل من يمينه التي حلفها بألا يقرب (مارية).. فاللّه سبحانه يغفر له هذه اليمين بالكفارة عنها، واللّه ـ سبحانه ـ غفور، وهو سبحانه « رحيم » وإن أولى الناس برحمة اللّه، هو رسول اللّه، فليرحم الرسول الكريم نفسه، ولا يشقّ عليها بهذا التحريم لما أحل اللّه له، فى سبيل مرضاة أزواجه، إذ كانت مرضاتهن عدوانا على حق النبي، فى التمتع بما أحل اللّه له.
وقوله تعالى :« قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ » هو بيان لبعض آثار مغفرة اللّه ورحمته، وهو ما فرضه سبحانه، وقضى به، من التحلل من الأيمان بالكفارة عنها، إذا كان التحلل من اليمين خيرا من إمضائها..
وفى هذا يقول الرسول الكريم :« من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها، فليكفّر عن يمينه، ثم ليفعل الذي هو خير ».