ج ١٤، ص : ١٠٣٢
قوله تعالى :« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ ».
هو تنبيه للإنسان من غفلته عن الأعداء المتربصة به، وبأهله، والتي إن لم يأخذ حذره منها أوردته موارد الهلاك، هو وأهله..
ووقاية الإنسان نفسه، من النار، هى فى أن يستقيم على شريعة اللّه، ويقف عند حدود أوامرها ونواهيها.. ففى ذلك سلامته من عذاب السعير..
أما وقاية أهله، فتكون بنصحه لهم، وإرشادهم إذا ضلّوا، وتنبيههم إذا غفلوا.. ثم قبل هذا كله، يجب أن يكون هو القدوة الحسنة لهم، فى طاعة اللّه، وفى اتقاء حرماته.. لأن الخطاب هنا إنما هو لرأس الجماعة، فى الأسرة، ونحوها، كالأب، والأخ الأكبر، والعالم، وذوى الوجاهة والمكانة فى هذا المجتمع الصغير.. فهو هنا مسئول مسئولية الراعي عن رعيته، كما يقول الرسول الكريم :« كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته ».
وفى قوله تعالى :« وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ » ـ إشارة إلى قوة الطاقة الحرارية لهذه النّار، التي تجعل الحجارة وقودا لها، كما توقد نار الدنيا بالحطب..
وقوله تعالى :« عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ » ـ هو عرض لخزنة جهنم وحرّاسها، وما هم عليه من غلظة وشدّة.. فهم بهذه الغلظة وتلك الشدة يتعاملون مع أعنى المجرمين، وأضل الضالين.. وهم بما يطلع على أهل النار من غلظتهم وشدتهم ـ هم عذاب إلى عذاب! قوله تعالى :« يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ.. إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ».
هو خطاب للكافرين الذين سيردون هذه النار، وسيكونون حطبا ووقودا لها ـ خطاب لهم بألا يعتذروا فى هذا اليوم، يوم القيامة، فإنه لا يقبل منهم عذر، فهذا وقت الجزاء بما عمل العاملون، وقد عملوا هم السوء، فكان