ج ١٤، ص : ٥٩٣
قوله تعالى :« ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى ».
أي ما كذب « الفؤاد » أي القلب، فيما رأى وعاين، مما يتلقى من آيات اللّه.. وفى التعبير عن العلم الذي وقع فى قلب النبي من هذا الذي ألقاه جبريل إليه ـ فى التعبير عن هذا العلم، بالرؤية ـ إشارة إلى أنه علم « محقق » يراه القلب، فى جلاء ووضوح، أشبه بما ترى العين الباصرة من مبصرات.. وهذا التلقّى عن طريق « الفؤاد » أي القلب ـ هو ما يشير إليه قوله تعالى :« نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ » (١٩٣ ـ ١٩٥ :
الشعراء).
والذي نزل به الروح الأمين « جبريل » على النبي، هو كلمات اللّه، وأنها نزلت بلسان عربى مبين، ولم تنزل معانىّ مجردة، صاغها النبي صياغة باللغة العربية كما يتخرص بذلك المتخرصون، الذين يقولون إن القرآن قسمة مشتركة بين الوحى وبين النبي.. فالموحى به إلى النبي هو المعنى الذي يقع فى قلب النبي، وأما اللفظ الذي يتشكل فيه هذا المعنى، فهى من النبي.. وهذا ما يكذّبه قوله تعالى :« نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ » فقوله تعالى :« بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ » متعلق بقوله تعالى « نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ » ـ أي نزل به بلسان عربىّ مبين وقد عقدنا لذلك مبحثا خالصا فى هذا التفسير، تحت عنوان : كلمات اللّه وكيف تلقاها النبي « ١ ».
_________
(١) انظر التفسير القرآنى للقرآن.. عند تفسير قوله تعالى « وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا » ص ١٥٦ من الكتاب العاشر