ج ١٤، ص : ٦٢٤
الإشارة إلى ما أخذ اللّه سبحانه وتعالى به أهل الشرك والضلال من الأمم السابقة ـ من بلاء ونكال.. وأن فى هذا الذي ذكره اللّه سبحانه وتعالى عنهم، نذيرا يطلع عليهم من الأزمنة الغابرة، ليريهم ما حلّ بالضالين المكذبين برسل اللّه السابقين..
قوله تعالى :« أَزِفَتِ الْآزِفَةُ لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ »..
أزفت : أي قربت، وحان حينها، وأظلّ زمانها..
والآزفة : القريبة، وهى يوم القيامة، وسميت آزفة لأنها قريبة، وإن ظن الناس أنها بعيدة، كما يقول سبحانه :« إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَراهُ قَرِيباً »..
وكما يقول سبحانه فى أول سورة القمر، التي تجىء بعد هذه السورة :« اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ »..
ويقول سبحانه فى آية أخرى :« كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها. »
ومعنى أزفت الآزفة، أي قربت القريبة، فهى قريبة بذاتها، ومع هذا فقد قربت أكثر وأكثر..
وقوله تعالى :« لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ » ـ أي ليس لها من يكشفها، ويجلّيها ـ أي يظهرها ـ لوقتها، إلا اللّه سبحانه وتعالى..
والتاء فى قوله تعالى :« كاشفة » للمبالغة، مثل راوية، ونابغة.. أي ليس الساعة عند أهل العلم والكشف عن الخفايا ضابط لها، مقدر لوقتها، مظهر لوجودها، ولكن اللّه سبحانه وتعالى وحده هو الذي عنده علم الساعة، وهو سبحانه الذي يجلّيها لوقتها..