ج ١٤، ص : ٦٣٥
تأتيهم، بعد أن كذبوا بآيات اللّه المتلوّة عليهم، والتي فيها الهدى لمن اهتدى، وفيها النور لمن فتح عينيه النور.. وفى هذا يقول اللّه تعالى :« وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ » (٧ :
الأنعام). ويقول سبحانه :« وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ » (١٥ : الحجر)..
فهذه آيات محسوسة، لو طلعت عليهم ورأوها رأى العين، لأعرضوا عنها، وكذبوا بها، وقالوا سحر مستمر.
قوله تعالى :« وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ ».
الواو الحال، والجملة بعدها حال من الفاعل فى قوله تعالى « وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا ».
أي أنهم يقفون هذا الموقف من آيات اللّه إذا تليت عليهم، والحال أنهم قد كذبوا بها من قبل واتبعوا أهواءهم.. فهذا الذي هم فيه حالا أو مستقبلا مع آيات اللّه، ليس جديدا عليهم، بل هو داء يعيش معهم إلى أن يجىء أجلهم.
وقوله تعالى :« وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ ».
. تهديد ووعيد لهؤلاء المشركين، وأن هذا الذي هم فيه من كفر وضلال، له نهاية ينتهى إليها، وقرار يستقر عنده..
وليس لما هم فيه من نهاية، إلا العذاب الأليم فى نار جهنم، وليس لأمرهم هذا من مستقر، إلّا سواء الجحيم.. وهذا مثل قوله تعالى :« لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ » (٦٧ : الأنعام).
قوله تعالى :« وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ ».
أي أن هؤلاء المشركين، قد كذبوا، واتبعوا أهواءهم، وقد جاءتهم النذر من بين أيديهم ومن خلفهم، ولفتتهم آيات اللّه التي يتلوها الرسول عليهم،


الصفحة التالية
Icon