ج ١٤، ص : ٦٤٢
وهى أن الآيات السابقة، عرضت موقف المشركين من النبي ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ وأنهم إن رأوا آية واجهوها بالبهت والتكذيب، وقالوا إنها من واردات السحر، وقد انتهى هذا العرض بدعوة النبي الكريم إلى أن يدع هؤلاء المعاندين وشأنهم، فإنهم فى هذا هم الخاسرون، حيث يوردون أنفسهم موارد الهلاك يوم القيامة، الذي يكذبون به..
وفى هذه الآيات، عرض لأحوال جماعات من المكذبين المعاندين فى الأمم السابقة، وقد جاءتهم رسل اللّه بالبينات، فبهتوهم، وكذبوهم، وتهددوهم بالمساءة والأذى..
فكان أن أخذهم اللّه بالبلاء فى الدنيا، والعذاب الأليم فى الآخرة..
وفى هذا تهديد للمشركين، وأنهم سيسلكون فى سلك الذين كذبوا رسل اللّه من قبلهم.. قوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم لوط، وفرعون..
وثانيا : فى أعقاب كل قصة، يجىء قوله تعالى :« وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ».
. ولقد تكرر هذا فى قصص قوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم لوط.. فما سرّ هذا ؟ ولما ذا لم يجىء هذا التعقيب، فى قصة فرعون ؟
السرّ فى هذا ـ واللّه أعلم ـ أن هذا التعقيب على كل قصة من تلك القصص، هو دعوة إلى هؤلاء المشركين أن يتدبروا هذه الآيات التي بين أيديهم من كتاب اللّه.. فهذه الآيات تكشف للناظر فيها، أو المستمع إليها ـ فى يسر وعن قرب ـ الدلائل الواضحة الهادية إلى الحق.. ولكن هل من مدّكر من هؤلاء الضالين المعاندين ؟ ستكشف الأيام عن جواب هذا السؤال..
أما السرّ فى أنه لم يذكر مع قصة فرعون هذا التعقيب الذي لازم القصص الأربع السابقة، فذلك ـ واللّه أعلم ـ ليصل مشركى قريش بفرعون، وليجعل


الصفحة التالية
Icon