ج ١٤، ص : ٧٠٨
وفى تعريف طرفى الجملة ـ المبتدأ والخبر ـ ما يفيد القصر.. أي قصر السبق عليهم وحدهم، وأنهم كما سبقوا إلى الإيمان باللّه فى الدنيا، سبقوا إلى اللّه سبحانه فى الآخرة، وكانوا أول من ينزل ساحة فضله ورضوانه.
قوله تعالى :« أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ » إشارة إلى هؤلاء السابقين، وإلى هذا المقام الكريم الذي أحلهم اللّه سبحانه وتعالى فيه يوم القيامة، وأنهم هم أهل القرب من اللّه سبحانه.
وقوله تعالى :« فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ » هو بيان للحال التي يكون عليها هؤلاء السابقون المقربون.. فهم فى جنات النعيم، على سرر « موضونة » أي مطرزة، ومكللة.
وهم على هذه السرر فى حال من الطمأنينة، والأمن، والرضوان، حيث يتكئون على هذه والسّرر اتكاء استرواح واسترخاء، يقابل بعضهم بعضا، وينظر بعضهم إلى بعض، فيرى كل منهم فى وجه أصحابه نضرة النعيم، فيزداد نعيما ورضوانا، بهذا النعيم، وذلك الرضوان، الذي يراه وقد فاض على كل من حوله.
وقوله تعالى :« ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ » ـ إشارة إلى أن أهل السبق هؤلاء، الذين ينعمون بهذا النعيم، هم « ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ »..
والثلة : الجماعة الكثيرة من الناس، وهم أولئك الذين سبقوا إلى الإيمان من كل أمة، فكانوا بهذا أشبه بالأعلام المنصوبة، يقتدى الناس بهم، ويأخذون