ج ١٤، ص : ٧٠٩
طريقهم.. فهم الذين ارتادوا لأقوامهم الطريق إلى الإيمان، واحتملوا مع الرسل سفه السفهاء، وجهل الجاهلين من أقوامهم.. فكان لهم بهذا فضل لا يشاركهم فيه. إلا أفراد قليلون ممن جاءوا بعدهم.. ولهذا جاء قوله تعالى :« وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ » ـ مبينا أن من يلحق بهم من بعدهم هم قلة بالنسبة إليهم.. إذ كان ذلك المقام لا ينال إلا فى صحبة الرسل. أو من تبلغ به تقواه، ومجاهدته أن يكون مجدّدا لدعوة الرسول، متابعا لشريعته، خطوة خطوة..
قوله تعالى :« يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ » أي يمر عليهم، وهم فى متكئهم هذا ـ « وِلْدانٌ »، أي غلمان « مخلدون » أي خالدون فى هذا الشباب الدائم، الذي لا يتحول أبدا.. فهم مخلدون فى حالهم تلك، كما يخلد أهل الجنة فى الجنة، وأهل النار فى النار.. أو أنهم مخلدون، أي تزين آذانهم بقروط من كريم المعادن، ونفيس الجواهر.
والأكواب : جمع كوب، وهو ما كان من الآنية بغير عروة.
والأباريق : جمع إبريق، وهو ما كان ذا عروة يمسك به منها.
والكأس : الإناء الذي يشرب فيه الخمر، ولا يسمى كأسا إلا إذا كان فيه الشراب..
والمعنى أن هؤلاء الولدان المخالدين الذين يلبسون ثوب الصبا أبدا، والذين تزين آذانهم بالقروط، دلالا وتنعما ـ يطوفون على هؤلاء المقربين بأكواب، وأباريق، وكئوس من معين، أي من عيون جارية من الخمر..
وفى جمع الأكواب، والأباريق، وإفراد الكئوس ـ إشارة إلى أن الأكواب والأباريق، هى التي تحمل الشراب لأهل المجلس، فإذا انتهى الولدان