ج ١٤، ص : ٧١٩
أما منزلهم الذي ينزلونه ـ عافانا اللّه منه ـ فهو هذا المنزل الجهنمىّ، الذي يساق إليهم فيه العذاب ألوانا وطعوما، كما يساق النعيم إلى أصحاب الجنة ألوانا وطعوما..
إنهم « فى سموم » أي فى هبوب متلهب، ترمى به النار إليهم، وتلفح به وجوههم وأبدانهم، وفى « حميم » ـ وهو ما يسيل من عرقهم وصديدهم، فيجرى من تحتهم، كما تجرى الأنهار تحت أصحاب الجنة..
وهم فى « ظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ » أي هم يدخلون تحت ظلّ من سحاب هذا السموم، الذي ينعقد فوق رءوسهم.. وأنه إذا كان ظلّ أهل الجنة باردا كريما، لطيفا.. فإن هذا الظلّ ليس باردا، ولا كريما، وإنما هو لهيب يشوى الوجوه، ويهرأ الأجسام.
أما الذي أنزلهم هذا المنزل المشئوم، وألقى بهم فى هذا البلاء العظيم، فهو ضلالهم عن الحق، وبعدهم عن اللّه، وكفرهم بلقائه، وتكذيبهم رسله..
«إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ » أي منعّمين فى دنياهم، مما أفاض اللّه سبحانه وتعالى عليهم من نعم، وكان من حق هذه النعم أن تفتح لهم طريقا إلى اللّه، فيحمدوا له ويشكروه، ولكنهم بطروا، وأشروا واستكبروا فى الأرض، وعتوا عن أمر ربهم، وصدّوا عن سبيله.
« وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ » الحنث العظيم : الذنب الكبير، أو اليمين الفاجرة.
أي أنهم كانوا مصرين ومقيمين على ما يأتون من كبائر الإثم والفواحش، فلا يراجعون أنفسهم، ولا ينظرون إلى ما يفيض بين أيديهم من منكرات وآثام.


الصفحة التالية
Icon