ج ١٤، ص : ٧٢٤
سلطانه على كل شىء فى هذا الوجود.. وغاية هذا العرض، هو إقامة الأدلة، ونصب البراهين بين يدى هؤلاء المنكرين للبعث، على أن هذا البعث الذي ينكره المنكرون، ويستبعدون وقوعه، هو أمر داخل فى دائرة الأحداث التي تقع فى محيطهم.. فليست الحياة بعد الموت إلّا إعادة لبناء هذا الكيان الذي تهدم، وإقامته من جديد على الصورة التي كان عليها، وإنه إذا كان مما يمكن أن ينكر أو يستبعد هو الإيجاد ابتداء، فإن إنكار إعادة الموجود لا يكون إلا من مكابرة وعناد، أو جهل وضلال..
وقوله تعالى :« نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ » ـ هو إعلان بهذا الخبر، وتقرير له، وإرساله هكذا قضية مسلمة، من غير مقدمات :« نَحْنُ خَلَقْناكُمْ »..
فهذه قضية لا تحتاج إلى برهان، وحكم لا يقبل جدلا.. فليس هناك من مخلوق ينكر هذه الحقيقة أو يجادل فيها.. إنه لم يحلق نفسه.. وإذن فلا بد له من خالق خلقه.. وهذا الخالق يناديه، ويلقى إلى سمعه : أنه هو الذي خلقه.. فإن أنكر هذا الخالق، فليبحث عن الخالق الذي خلقه، إذ كان لا بد من خالق.. وهذا الخالق لا بد أن يكون واحدا يبسط سلطانه على هذا الوجود كله، وعلى الموجودات جميعها.. وذلك هو اللّه رب العالمين..
وقوله تعالى :« فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ ».
. هو تعقيب على هذا الخبر، أو الحكم.. « نَحْنُ خَلَقْناكُمْ ».
. أفلا تصدقون هذا الخبر ؟ أو لا تقبلون هذا الحكم ؟ إنه خير لكم أن تصدقوا هذا الخبر، وتقيموا وجودكم على الإيمان به!..


الصفحة التالية
Icon