ج ١٤، ص : ٧٢٨
فمن يخلق هذا الزرع ؟ ومن يخرج من هذا الحب هذا الجنات، وتلك الحدائق ذات البهجة ؟ أأنتم أيها الناس ؟ إنكم لستم إلا أدوات تلقى الحب فى الأرض، كما تقذفون المنىّ فى الأرحام، فيصور الخالق جل وعلا من هذا وذاك ما يصوّر من كائنات! قوله تعالى :«لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ».
أي لو نشاء، لما أطلعنا هذا الزرع، ولو نشاء لأطلعناه، ثم لجعلناه عقيما لا يطلع زهرا، ولا يثمر ثمرا، فظلتم تفكهون، أي ترقبون الفاكهة، وتبحثون عنها، ثم لا تجدون شيئا منها، بل تعودون وملء أيديكم خيبة وحسرة، تتنادون بأنكم مغرمون بما أضعتم من جهد فى الحرث والزرع، ثم لم يكن لكم من هذا العناء إلا الحرمان من الثمر الذي كنتم ترجونه.
قوله تعالى :« أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ » وهذا الماء الذي تشربون.. ألا تفكرون من أين جاء ؟ ألا تنظرون فيه وفى هذا الماء الملح الذي يملأ وجه الأرض ؟ من فصل بينهما ؟ ومن أخرج لكم من هذا الماء الملح، هذا الماء العذب الفرات ؟ أأنتم الذين صنع هذا الصنيع، وأنشأ من هذا الماء الملح سحابا يحمل الماء العذب، وينشىء منه الأنهار، ويفجر العيون ؟
أأنتم أنزلتموه من المزن، أي السحب، أم نحن المنزلون ؟ ! أجيبوا!!


الصفحة التالية
Icon