ج ١٤، ص : ٧٢٩
ولا جواب إلا التسليم والإقرار، بأن اللّه سبحانه هو الذي صنع لكم هذا الذي صنع! ولو شاء اللّه سبحانه وتعالى، لجعل هذا الماء العذب على حاله التي كان عليها من قبل أن يخرج من رحم البحار، كما خرجتم أنتم من أرحام أمهاتكم، وكما خرج النبات من رحم الأرض..
« فلو لا تشكرون » أي فهلا شكرتم اللّه على هذه النعم الجليلة التي هى ملاك حياتكم وحياة زروعكم، وحيوانكم ؟
قوله تعالى :« أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ ؟ »..
وهذه النار التي توقدونها، وتستدفئون بها، وتنضجون عليها طعامكم..
من أنشأ لكم الشجر الذي توقدونه ؟ ألا ترون هذا الحطب الذي يعلق به الشرر، فيحول إلى لهب وجمر ؟ ألا ترون هذه القدرة التي تخرج النار من الشجر الأخضر الذي يجرى الماء فى عروقه ؟ « الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ » (٨٠ : يس) قوله تعالى :« نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ »..
أي هذه النار التي توقدون من الشجر الأخضر، هى تذكرة وموعظة، لمن كان له عقل يتذكر، ويتعظ، فيرى قدرة اللّه.. وهى متاع وزاد « للمقوين » أي لكم أيها الناس، الذين لا يملكون شيئا.. فكل ما فى أيديكم، هو فضل من فضل اللّه عليكم، ورحمة من رحمته بكم ».