ج ١٤، ص : ٧٥٧
سبيل اللّه ـ فى هذا إشارة إلى أن الإنفاق ليس مقصورا على المال وحده، وإنما هو إنفاق من النفوس، وبذلها فى سبيل اللّه.. فمن لم يكن ذا مال لم يحرم اللّحاق بالمنفقين من أموالهم، وذلك بالإنفاق من ذات نفسه، ومن كان ذا مال لم يمنعه الإنفاق من ماله أن ينفق من ذات نفسه، فيجمع إحسانا إلى إحسان، وقد يكون الإنفاق إلى جانب النفس والمال، إنفاقا من حصافة الرأى، وحسن التدبير، والنّصح للمؤمنين..
قوله تعالى :« مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ » هو دعوة كريمة من رب كريم، إلى أن يقرضه المؤمنون مما أعطاهم، فيضاعف لهم هذا القرض، ويجزيهم عليه الجزاء الأوفى..
وإنه ليس بعد هذا عذر لمعتذر ممن يؤمنون باللّه واليوم الآخر فى ألّا يجيبوا دعوة اللّه سبحانه وتعالى، وألّا ينفقوا مما خولهم إياه، وجعله ملكا خالصا لهم، فيأخذ منهم ما أنفقوا أخذ المقترض، الذي يشكر لمقرضه، ويحمد صنيعه معه.. فسبحانه سبحانه من رب بر رحيم!!! والقرض الحسن، هو أن يكون من مال مكتسب من حلال، وأن يكون من أكرم مال المنفق وآثره عنده، وأن يخرجه من يده عن طيب خاطر، ورضا نفس، وأن يكون الإنفاق والنفس راغبة فى الحياة، مقبلة عليها، لا بعد أن يهرم المرء ويذهب شبابه، وتنطفىء حدة رغباته، وشهواته..
الآيات :(١٢ ـ ١٥) [سورة الحديد (٥٧) : الآيات ١٢ إلى ١٥]
يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ (١٣) يُنادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (١٤) فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٥)