ج ١٤، ص : ٨١٥
غليظ، هو زور من القول : فالزوج لا تكون أمّا أبدا، والأم لا تكون زوجا بحال..
وقوله تعالى :« وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ » ـ إشارة إلى أن اللّه سبحانه قد وسع بعفوه ومغفرته، ما بقع من عباده من منكر وزور، إذا هم رجعوا إليه، وطلبوا عفوه ومغفرته :« وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ » (١٣٥ : آل عمران) قوله تعالى :« وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ ».
بعد أن بينت الآية السابقة حقيقة الظهار، وكشفت عن زيفه وبهتانه، جاءت هاتان الآيتان لتبينا حكمه إذا وقع، وهذا من تمام الحكمة والتشريع، حيث يعرف وجه الأمر أولا، ثم يلحق به الحكم المناسب له، فيكون للحكم موقعه من العقول، وأثره فى الأخذ به، والامتثال له، فعلا، أو تركا.
وقد اختلف المفسرون فى تأويل قوله تعالى :« ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا »..
وهل معنى العود الرجوع عما قالوا والعدول عنه، أو العود إليه مرة أخرى، بمعنى أن يظاهروا مرة أخرى بعد المرة الأولى.. وبهذا القول يقول أهل الظاهر، وعلى هذا تكون كفارة الظهار عن المرة الثانية، أما الأولى، فلا كفارة عليها فى مذهبهم..
والرأى المعول عليه، هو أن معنى العود لما قالوا، هو نقض ما قالوه، والرجوع عنه.. هذا ما يكاد يجمع عليه المفسرون.