ج ١٤، ص : ٩٦٤
وإذا كانت الآيات السابقة، قد تحدثت عن المنافقين فى عمومهم، وعن الصفات النفسية والجسدية التي يستدل بها عليهم، دون أن تشير إلى معيّن منهم بالذات، أو الاسم ـ فقد جاءت هذه الآية والآية التي بعدها لتواجه وجها منكرا من وجوه المنافقين، ولتقرع رأسا عفنا من رءوسهم، هو عبد اللّه بن أبىّ بن سلول..
فلقد نزلت هاتان الآيتان فى أعقاب حادثة استعلن فيها نفاق هذا المنافق على الملأ، ولم يبق إلا أن تجىء آيات اللّه لتسجل عليه هذا النفاق، وتدمغه به إلى يوم الدين..
قالوا إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، قد بلغه أن بنى المصطلق (من اليهود) كانوا يجمعون لحرب المسلمين، فخرج إليهم رسول اللّه فى أصحابه، ولقيهم على ماء يقال له المريسيع من ناحية قديد إلى ساحل البحر، وهزم اللّه أعداء اللّه، ونفل أبناءهم، ونساءهم وأموالهم.. قالوا : وبينما الناس على الماء، وقع شجار بين غلام لعمر بن الخطاب يقال له الجهجاه بن سعيد، ورجل من الأنصار يقال له سنان الجهني، فصرخ الجهني يا معشر الأنصار، وهتف الجهجاه : يا معشر المهاجرين.. وكادت تكون فتنة، وجعل عبد اللّه بن أبى يقول لمن يلقاه من الأنصار : قد نافرونا وكائرونا فى بلادنا.. واللّه لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل.. هذا يا معشر الأنصار ما فعلتم بأنفسكم، أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم، أما واللّه لو أمسكتم عنهم فضل الطعام لم يركبوا رقابكم، ولأوشكوا أن يتحولوا من بلادكم، ويلحقوا بعشائرهم ومواليهم..!! »
فلما علم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بما يحدّث به عبد اللّه بن أبىّ فى