ج ١٥، ص : ١١٢٩
الذين يمثلون غالبية القوم، ووجوههم، كما تحدث القرآن الكريم عن مكة ووصفها أنها أمّ القرى، فقال تعالى :« وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها » ! (٩٢ :
الأنعام).
«والخاطئة » أي الفعلة الخاطئة، التي بيّنها اللّه سبحانه وتعالى بقوله :« فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ » ومجيئهم بالخاطئة : أي ارتكابهم الخطيئة، وحملهم إياها يوم القيامة.
وفى الجمع بين فرعون، وقوم لوط، مع اختلافهما زمانا، ومكانا، وخطيئة ـ إشارة بليغة محكمة، إلى ما بين القوم من نسب قريب فى الضلال، لا من حيث صورته، ولكن من حيث واقعه ومضمونه..
فقوم لوط، قد أتوا منكرا ابدعا، لم يأته أحد فى العالمين من قبلهم، كما يقول سبحانه وتعالى على لسان نبيهم لوط عليه السلام :« أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ » (٨٠ : الأعراف) وأما فرعون فقد كان أمة وحده فى الضلال والاستعلاء.. ولهذا ذكر وحده، دون أن يكون معه قومه، فهو كيان الضلال كله، الذي نضح منه على قومه رذاذ من هذا الضلال، فكانوا من المجرمين.. ففرعون صورة فريدة فى الجبارين، وقوم لوط صورة فريدة فى المجرمين.
وفى الجمع بين فرعون وقوم لوط فى مقام العصيان لرسول اللّه، مع أن كلّا منهما كان له موقف مع رسول من رسل اللّه ـ إشارة إلى أن رسل اللّه جميعا، هم رسول واحد، من حيث الرسالة التي يحملها الرسول من اللّه إلى الناس، والدعوة التي يدعوهم إليها، وهى الإيمان باللّه.. فمن كذب برسول من رسل اللّه فهو مكذب برسل اللّه جميعا..
وقوله تعالى :« فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً » أي أخذهم اللّه أخذة متمكنة منهم بحيث تنالهم جميعا، وتشتمل على كل شىء منهم ولهم.