ج ١٦، ص : ١٦٤٣
غير مؤمنين، إذا لم يصلوا إيمانهم هذا، بالإيمان بدين اللّه (الإسلام) الذي كمل به الدين.. فالمؤمنون حقّا من أهل الكتاب، لا يجدون فى الإيمان بالإسلام حجازا يحجز بينهم وبينه، إذ كان دينهم بعضا من هذا الدين، وبعض الشيء ينجذب إلى كله، ولا يأخذ طريقا غير طريقه! فأهل الكتاب جميعا ـ المؤمنون منهم والكافرون ـ على سواء فى مواجهة الدين الإسلامى، كلّهم مدعوون إلى الإيمان به، فمن لم يؤمن به فهو كافر.
وأهل الكتاب، إذ دعوا إلى الإيمان بدين اللّه، تفرقوا، فآمن قليل منهم، وكفر كثير.. وهذا ما يشير إليه سبحانه وتعالى فى قوله :« الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ » (١٢١ : البقرة) وبقوله سبحانه :« الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ، وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ » (٥٢ ـ ٥٣ :
القصص).
وأما المشركون، فقد انفكوا، وانفصلوا عن الكافرين من أهل الكتاب، بعد أن جاءتهم البينة إذ أنهم آمنوا باللّه، ودخلوا فى دين اللّه جميعا، بعد أن تلبثوا على طريق العناد والضلال! وقوله تعالى :« وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ».
أي أن أهل الكتاب الذين دعوا إلى الإيمان بشريعة الإسلام، لم يدعوا إلى أمر لا يعرفونه، ولم يؤمروا بأمر لم تأمرهم به شريعتهم التي هم بها يؤمنون..
إنهم ما أمروا إلا ليعبدوا اللّه مخلصين له الدين، لا يعبدون إلها غيره « حنفاء »