ج ١٦، ص : ١٦٤٦
أي الذين آمنوا بهذا الدّين وعملوا الصالحات، أولئك هم خير الخلق جميعا، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى :« كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ »، إذ ألبسهم إيمانهم باللّه، وأعمالهم الصالحة فى ظل هذا الإيمان ـ لباس التقوى، فكانوا هم عباد اللّه، وكانوا أهل ودّه، ولهذا كان جزاؤهم عند ربهم هذا الجزاء الكريم :« جنات عدن » أي جنات خلود واستقرار، تجرى من تحتها الأنهار، خالدين فيها أبدا، لا يتحولون عنها.. « رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ » فأدخلهم فى جنّاته، وأفاض عليهم من نعيمه. « وَرَضُوا عَنْهُ » أي رضوا عن ربّهم، وحمدوه، وشكروا له هذا النعيم الذي هم فيه.. وذلك النعيم والرضوان، إنما هو لمن خشى ربّه، واتقاه، وخاف مقامه.
هذا، ويلاحظ هنا أمران :
أولهما : أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات قد جاء الحديث عنهم مطلقا من غير قيد الإضافة إلى أهل الكتاب، أو المشركين، فلم يجىء النظم القرآنى هكذا :« إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات من أهل الكتاب والمشركين ».
. كما جاء فى الآية السابقة :« إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ » ـ وذلك لأن الذين يؤمنون باللّه ويعملون الصالحات فى جميع الأحوال والأزمان داخلون فى ساحة المؤمنين بشريعة الإسلام..
سواء أكان هذا الإيمان عن دعوة رسول وكتاب، أو عن دعوة العقل، وإلهام الفطرة، فالمؤمن باللّه حيث كان، وحيث كان مصدر إيمانه، هو لا حق بهؤلاء المؤمنين، وهو ملاق هذا الجزاء الذي يجزى به المؤمنون..
أما حصر الكافرين هنا فى الذين كفروا من أهل الكتاب، والذين كفروا من المشركين، بعد أن جاءتهم البينة ـ فهو تشنيع على هذا الوجه الكريه الغليظ من وجوه الكفر، فى مواجهة هذا الصبح المشرق، الذي


الصفحة التالية
Icon