ج ١٦، ص : ١٦٩٠
التفسير :
الكوثر : مبالغة فى الكثرة، والمراد بالكثرة هنا، الكثرة فى العطاء من الخير والإحسان، والخطاب هنا للنبى صلوات اللّه وسلامه عليه.
والمراد بهذا الخبر هو التنويه بمقام النبىّ الكريم عند ربه جلّ وعلا، وبرضاه عنه، ذلك الرضا الذي لا حدود له، والذي تملأ القطرة منه وجوه الوجود، بشاشة، ومسرّة، وإسعادا..
وفى إطلاق لفظ الكوثر، دون قيده بنوع، أو قدر ـ إشارة إلى تناوله كل ما هو خير، وبلوغه إلى ما لا يعرف له نهاية أو حدّ، كما أنه إشارة أخرى إلى أنه خير، وخير مطلق، مصفّى من كل شائبة، خالص من كل كدر.. ذلك أنه عطاء، والعطاء لا يكون إلا مما هو خير، وإحسان، فكيف إذا كان عطاء من يد اللّه سبحانه وتعالى ؟.. إن صفة هذا العطاء هى من صفات المعطى جلّ وعلا.. فلا تسل بعد هذا ما يكون هذا العطاء! « هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ ».
. وإنه لحسب المؤمن إذا دعا ربه أن يقول :« اللهم أعطنى، ولا تحرمنى ».
. فإذا اللّه دعاءه، فليسعد السعادة كلها بما أعطى من عطاء ربه! فاللهم أعطنا ولا تحرمنا، واللهم استجب لنا ولا تردنا، فأنت خير من أعطى، وأكرم من سئل..
ولعلك تسأل : وماذا أعطى النبي الكريم ؟.
لقد أعطى اللّه سبحانه وتعالى النبي الكريم خير ما أعطى عبدا من عباده..
وحسبه أنه خاتم النبيين، وحسبه القرآن الذي كمل به دين اللّه، وتمت به شريعته، وحسبه الدعوة التي قام عليها، وبلغ بها غايتها، وأقام بها دين اللّه فى الأرض، وغرس مغارسه فى مشارقها ومغاربها.. وحسبه أن رفع اللّه