ج ٢، ص : ٤٣٢
على اللّه، ويمنّون أنفسهم الأمانىّ بالطمع فى رحمته وغفرانه، وهم قائمون على عصيانه، ومحاربته، واستباحة حرماته، والاستخفاف بأوامره.. فهذا من الضلال الذي يفسد على المرء دينه ودنياه جميعا.. إذ لا يتفق عصيان اللّه، والتمرد على شريعته، مع موالاته والطمع فى رضاه..
ونعم.. إن رحمة اللّه واسعة، ومغفرته شاملة، ولكن لأهل طاعته، والمتجهين إليه.. واللّه سبحانه وتعالى يقول :« وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ » (١٥٦ : الأعراف) وفى قوله تعالى :« وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ » بعد قوله سبحانه « وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ » استصحاب لرحمة اللّه ولطفه بعباده الواقعين تحت بأسه وعذابه، وذلك مما يطمع المذنبين فى عفو اللّه ومغفرته، فيرجعون إليه ويمدون أيديهم بالتوبة له، فيجدونه ربّا رحيما غفورا، أما الطمع فى رحمة اللّه دون استصحاب العمل على مرضاته، بالنزوع عن مقاربة المنكرات ـ فذلك مكر باللّه « وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ » (٥٤ : آل عمران)
الآيتان :(٣١ ـ ٣٢) [سورة آل عمران (٣) : الآيات ٣١ إلى ٣٢]
قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣١) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ (٣٢)
التفسير : ومما هو مكر باللّه ما يدّعيه المدّعون على اللّه من اليهود أنّهم أبناء اللّه وأحبّاؤه، وهم فى الوقت نفسه يعادون أولياء اللّه، ويشاقّون رسله،


الصفحة التالية
Icon