ج ٣، ص : ١٠٦٠
الإسلام الأولى، فإذا استقامت استقام كل شىء بعدها.
وقوله تعالى، « قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ » هو وصف لهذا الكتاب الكريم، وما يحمل إلى الناس من « نور » هو نور الحق، المهدى من السماء، لينير للناس سبلهم إلى اللّه، وليبدّد الظلام الذي يحجبهم عن الرؤية الصحيحة للحق والهدى..
ووصف الكتاب بأنه نور، ثم وصفه بأنه كتاب مبين، هو غاية ما يمكن أن تكون عليه دعوة الحق فى جلالها، ووضوحها، وإشراق شمسها، وأن من لا يرى الحق فى وجه هذه الدعوة، ولا يتناوله منها، هو أعمى أو متعام، ليس لدائه دواء، « وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ » (٨١ : النمل).
وقوله سبحانه :« يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ » سبل السلام هى طرق الحق، التي يأمن سالكها من كل عطب، ويسلم من كل سوء.. وهى مفعول به لقوله تعالى :« يَهْدِي ».
و« مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ » مفعول ثان له.. والمعنى أن اللّه سبحانه يهدى بهذا الكتاب إلى سبل السلام من اتبع رضوان اللّه، وابتغى مرضاته، فجاء إليه مستشفيا من دائه، مستطبّا لعلته، مستهديا لبصره وبصيرته.. أما من أعرض مستكبرا، ولوى وجهه جاحدا، فهو وما اختار لنفسه :« وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ » (١٧ : فصلت).
قوله تعالى :« وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ».
هو بيان لفضل اللّه ولطفه بعباده الذين يوجهون وجوههم إليه.. إذ كانت عناية اللّه إلى جوارهم، تمسك بهم على الطريق، وتسدد خطاهم إلى الغاية التي يجدون عندها الأمن والسلام.