ج ٤، ص : ١٣٠
وفى قوله تعالى :« فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ » ـ ما يكشف عن وجه هؤلاء الذين أعرضوا عن آيات اللّه، اللّه، وكفروا بها.. وأن القرآن الكريم وهو الحق من اللّه، والآية المشرقة من آياته، لم يلقه هؤلاء الضالون إلا بالتكذيب والإعراض والاستهزاء..
فصبرا، فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون، يوم يعرضون على اللّه بهذا الإثم العظيم الذي حملوه، من التكذيب لكتاب اللّه، والاستهزاء بآياته..
وفى قوله تعالى :« فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ » جاء الفعل « يستهزئون » بدلا من الفعل الذي يطلبه النظم وهو « يكذبون »..
إذ جاء وصفهم بأنهم كذبوا، فكان مقتضى هذا الوصف أن تجىء المجازاة عن التكذيب، لا عن الاستهزاء.
وهذا من القرآن الكريم آية من آيات إعجازه، إذ يحمّل بهذا النظم المعجز فعل التكذيب، معنى التكذيب والاستهزاء معا.. فهم لم يكذبوا وحسب، بل أتبعوا التكذيب سخرية واستهزاء! وهذا ما يكشف عنه قوله تعالى :« فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ ».
الآية (٦) [سورة الأنعام (٦) : آية ٦]
أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ (٦)