ج ٤، ص : ١٤٠
الآيات :(١٤ ـ ١٦) [سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٤ إلى ١٦]
قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٤) قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥) مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (١٦)
التفسير : الولىّ : السيد، والمعين.. فاطر السموات والأرض : أي خالقهما ابتداء.
وقوله تعالى :« قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا » استفهام إنكارى، وكأنه ينكر على نفسه أن تدعوه إلى أن يتخذ من دون اللّه وليّا ومعينا، أو ينكر على غيره أن يدعوه إلى تلك الدعوة المنكرة..
والمعنى : إنى لا أتخذ وليّا ومعتمدا أعتمد عليه، وأستعين به، غير اللّه، ذى الحول والطول، وذى القدرة التي لا يعجزها شى.. تلك القدرة التي كان من صنعتها هذا الوجود كلّه، فى سماواته وأرضه، أوجدهما ـ سبحانه ـ ابتداء على غير مثال « فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ».
وهذا الاستفهام الإنكارىّ، أقوى قوة، فى إظهار الولاء الخالص للّه، والثبات عليه ـ من الخبر التقريرىّ بالولاء، إذ فيه إنكار لموالاة غير اللّه أولا، ثم إقبال على موالاته سبحانه، ثانيا، وفى هذه العملية إثارة للعقل وتحريك للوجدان، ومواجهة لمن يدعوهم الدّاعون أن يتخذوا أولياء من دون اللّه.. حتى إذا أنكرهم العقل ولفظهم الشعور، أقبل المرء على اللّه، وقد صفّى حسابه مع هذه الضلالات القائمة على طريقه إلى اللّه، فيلقى ربّه بكيانه كله، ويلقى إليه بولائه خالصا..
وقوله تعالى :« وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ » أي فاللّه المستحقّ لأن يتخذه الناس وليّا، ومعتمدا، هو الذي فطر السموات والأرض، وهو الذي يقوت