ج ٥، ص : ٧٣٢
الذي أعلن اللّه ـ سبحانه ـ المشركين فيه، بأنه برىء منهم، وأن رسوله برىء منهم.. وأن المسلمين ـ موالاة للّه ولرسوله ـ بريئون منهم..
وقوله تعالى :« وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ » هو تطمين لقلوب المؤمنين، وإغراء لهم بدفع المشركين عن البيت، ولو كان فى هذا ما قد يسبب لهم كسادا فى تجارتهم، وتبادل المنافع بينهم وبين المشركين فى موسم الحجّ.. فالأرزاق بيد اللّه، ويده سبحانه مبسوطة بالعطاء، وفضلة واسع عميم.. فليستقم المسلمون على أمر اللّه، وليبتغوا بذلك مرضاته، وهو سبحانه الذي يتكفّل بأرزاقهم، وبإعطائهم الجزيل من فضله..
وقوله تعالى :« إن شاء » ليس قيدا واردا على الحكم الذي حكم به فى قوله سبحانه :« وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ »..
وإنما هو إشارة إلى أن مشيئة اللّه هى المسلطة على كل شىء، وأنها لا تتوقف فى نفاذها على أفعال العباد، إذ أن أفعال العباد كلها داخلة فى مشيئة اللّه، واقعة تحت سلطانها..
وقوله تعالى :« إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ » هو وصف كاشف لهذه المشيئة، وأنها مشيئة « عليم » لا تخفى عليه خافية فى الأرض ولا فى السماء.. « حكيم » فلا تقع مشيئته إلا على ما يقضى به علمه وحكمته، فتقع إذ تقع على أكمل الكمال، وأحكم الحكمة..
قوله تعالى :« قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ » الجزية : هى ما يفرض على أهل الذمّة من مال يؤدونه للمسلمين، وسمّيت