ج ٦، ص : ١٢٧٤
تلك هى القضية.. وهذا هو فيصل ما بين إله يوسف، والآلهة التي يعبدها القوم..
ـ « ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ ».
وذلك ما كشف عنه الواقع من الآلهة التي يعبدها صاحبا السجن وقومهما..
ما يعبدون من دون اللّه إلا أسماء.. أي مجرد أسماء، لا مدلول لها، ولا قيمة لمسمّياتها.. هى أسماء ليس وراءها إلا خواء، وظلام.. تعلقت بها أوهام القوم، وأعطتها تصوراتهم هذه المفاهيم الخاطئة التي يتعاملون بها معها..!
ـ وفى قوله تعالى :« ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ »
أي أن هذه الأسماء ومسمياتها التي تختفى وراءها، لا تستند إلى حجة أو برهان، وأنها لم تقم على دعوة من العقل، أو على كتاب من عند اللّه.. وإنما هى من مواليد الباطل والضلال، إذ أجاءها العقل لم يجدها شيئا يقف عنده.
ـ « إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ. أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ.. ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ.. وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ».
فالحكم بين الناس، والفصل فيما هم مختلفون فيه، فيما يعبدون ـ هو للّه، وسيجزى كلّ عامل بما عمل.. وهو ـ سبحانه قد أمر ألّا يعبد غيره، وذلك فيما حمل الرسل إلى الناس من رسالات اللّه إلى عباده، فذلك هو الدّين الحقّ، المستقيم الذي لا عوج فيه. « ولكن أكثر الناس لا يعلمون » هذه الحقيقة، فيضلّون، ويكفرون باللّه، ويعبدون من دونه تلك الدّمى التي يسمونها آلهة! وإلى هنا يكون يوسف قد نفذ بدعوته إلى قلبى هذين الرجلين الضالّين، فهداهما إلى اللّه، وفتح لهما الطريق إلى صراطه المستقيم.. وهكذا لم ينس رسالته


الصفحة التالية
Icon