ج ٦، ص : ٩٣٣
هو ردّ مفحم مخرس على قولهم :« إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ ».
إن الصميم من الدعوة التي يدعوهم الرسول إليها، هو الإيمان باللّه واتخاذه ربّا متفردا بالربوبية وحده، لا شريك له.. إنه خالقهم، وخالق كل شىء.
خلق السموات والأرض فى ستة أيام، وقام بجلاله وسلطانه على هذا الوجود الذي انفرد بخلقه، وانفرد بسلطانه عليه! فهكذا شأن كل مالك فيما ملك..
وهكذا شأن كل سلطان فيما تحت يده، أنه متسلط عليه، متصرف فيه كيف يشاء، وإلا فما استحق هذا الوصف. واللّه سبحانه، هو الذي يدبّر أمر الملك الذي تحت سلطانه، ويقدّر أقواته وأرزاقه، ويمسك وجوده، ويحفظ نظامه..
وليس لأحد شفاعة عنده فى أحد إلا بإذنه، فضلا وكرما منه، لمن أراد له الفضل والكرامة من عباده..
وأيّا ما كان لهذا المخلوق الذي أذن له بالشفاعة ـ من منزلة عند اللّه، فهو عبد من عباده، خاضع لمشيئته، مقرّ بعبوديته، خاشع لجلاله وعظمته!.
فما أضلّ هؤلاء الذين يتخذون من خلقه آلهة يعبدونها من دونه.. إنّهم يسقطون من عل، إذ يتخذون من المخلوقات آلهة لهم، ويدعون الخالق الذي خلقهم، وخلق ما يعبدون..
«وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ » (٢٦ ـ ٢٩ : الأنبياء)