ج ٦، ص : ٩٧٣
محمد، إذ لو كان من عند محمد، لكان إلى يده تغييره أو تبديله.
وثانيا : مسألة التبديل، والتغيير فى القرآن، وإن كانت أمرا ممكنا فى ذاته، إذ لا يتأتّى القرآن على من يجرؤ على التبديل والتحريف فيه ـ وإن كان اللّه سبحانه وتعالى : قد حرسه من التبديل، وحفظه من التحريف، كما يقول تبارك وتعالى :« إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ » ـ نقول : إن مسألة التبديل فى القرآن، وإن كانت ممكنة فى ذاتها، فإن « محمدا » لن يفعل ذلك من تلقاء نفسه، فذلك خيانة للّه فى الأمانة التي ائتمنه عليها، وعصيان له فيما أمره به فى قوله سبحانه :« يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ ».
. وليس وراء العصيان للّه، والخيانة لأمانته إلا العتاب الأليم والعذاب العظيم.. كما يقول سبحانه :« وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ » (٤٤ ـ ٤٧ الحاقة).
وثالثا : أن الرسول، وهو من هو عند ربه، حبّا وقربا، يخاف عذاب اللّه، ويخشى عقابه إن هو عصاه، وخرج عن أمره، وغيّر وبدل فى كلماته..
فما لهؤلاء المشركين لا يخشون اللّه، ولا يخافونه، وقد عصوه هذا العصيان الحادّ بالشرك به، وبتكذيب رسوله، والآيات التي أنزلها على رسوله ؟ ألا يخافون بأس اللّه ؟ ألا يخشون عقابه ؟ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ » (٩٩ : الأعراف).
قوله تعالى :« قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ.. أَفَلا تَعْقِلُونَ ».
فى هذه الآية تنبيه للمشركين، وإلفات لهم، إلى ما هم فيه من عمّى وضلال.
فلو أنهم عقلوا شيئا، لعرفوا أن « محمدا » قد عاش فيهم أربعين سنة غير قارئ