ج ٧، ص : ١١٦
رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا »
.. فهذا الذكر المستبصر، هو الذي يضىء الطريق الذي يسلكه الذاكر إلى ربه، فيرى على ضوء هذا النور، قدرة الخالق وجلاله، وعظمته، فيخشع قلبه وتسكن وساوسه.
فالذكر ـ كما قلنا ـ ليس مجرد كلمات يرددها اللسان، وإنما هو نبضات قلب معمور بالإيمان باللّه، وخفقات وجدان ريّان بالرجاء فى اللّه، والطمع فى فضله وإحسانه، وذلك بعد أن يعرف المرء ربّه، ويعرف ما ينبغى له سبحانه من كمالات..
والرجاء الذي يقوم على غير إيمان، ويستند إلى غير طاعة، هو مكر باللّه، وخداع للنفس، وعدوان على سنن الحياة التي أقام اللّه عباده عليها، فجعل لكل عامل عمله، ولكل غارس ثمرة ما غرس!.
وحسن أن يحسن العبد ظنه بربه، بل وأن يبالغ ما شاء فى هذا الظن، ولكن شريطة أن يكون ذلك الظن نابعا من الإيمان باللّه، ومستندا على ما يجد العبد من شواهد القرب من ربه.. فهنا يحق له أن يتمنى على ربه، وأن يدلّ دلال المحبوب مع محبوبه.. وفى الحديث الشريف :« ربّ أشعث أغبر لو أقسم على اللّه لأبرّه ».
. وفى الخبر الثابت أن البراء بن مالك (و هو أخو أنس بن مالك) كان ممن يقسم على اللّه فيبرّ اللّه قسمه، وكان المسلمون إذا اشتدت عليهم الحرب فى قتال المشركين، يقولون : يا براء.. أقسم على ربك فيقسم على ربه فينتصرون!.
والدعاء، هو من ذكر اللّه.. حيث يوجّه الداعي وجهه إلى اللّه، طالبا اللجأ إليه، والمدد من إحسانه وفضله.. يقول ابن قيم الجوزية فى تفسيره المسمى :
« التفسير القيم » : إن الدعاء هو ذكر للمدعو سبحانه، متضمن للطلب منه، والثناء عليه بأسمائه وأوصافه، فهو ـ أي الدعاء ـ ذكر وزيادة كما أن الذكر سمىّ دعاء


الصفحة التالية