ج ٧، ص : ١٥٩
ـ وفى قول الرسل :« وَلكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ » ردّ مفحم على هؤلاء الذين ينكرون عليهم أن يكونوا رسلا من عند اللّه، حسدا لهم، واعتراضا على مواقع رحمة اللّه، أن تنزل حيث تشاء مشيئته.. فهذه رحمة اللّه تنزل.
بالنّاس، كما ينزل المطر، فيكون غيثا مدرارا فى موضع، وقطرات قليلة فى موضع آخر.. حسب تقدير اللّه، وحكمته.
ـ « وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ » أي إن ما تقترحونه علينا من آيات، هو مما لا يدخل فى مضمون رسالتنا، ولا يخضع لمشيئتنا.. وإنما الآيات عند اللّه، وما أذن به لنا منها، قد جئناكم به..
ـ « وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ » أي إننا وقد بلغناكم ما أمرنا به، سنمضى لشأننا، متوكلين على اللّه، الذي عليه يتوكل المؤمنون به، ويفوّضون أمورهم إليه.
قوله تعالى :« وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ »..
هو تقرير وتوكيد لتلك الحقيقة التي أعلنها الرسل، وهى أنهم قد توكلوا على اللّه، وأسلموا وجوههم له.. ولم لا يتوكلون عليه وقد اصطفاهم لأكرم رسالة، وجعلهم مصابيح هدى للناس ؟ لقد هداهم اللّه إلى الحق، وأقامهم على صراطه المستقيم.. فكيف لا يسلمون أمرهم إليه، وهو سبحانه الذي أخذ بأيديهم، فأخرجهم من تلك الظلمات المطبقة على أقوامهم ؟
ـ وفى قوله تعالى :« وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا » هو بعض ما يقدمه الرسل للّه، وهو الصبر على الأذى الذي يلقونه فى سبيل تبليغ رسالته..
قوله تعالى :« وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ