ج ٧، ص : ١٦٧
وهو جواب ماكر خبيث، يحمل عذرا هو أقبح من ذنب! لقد ألقى هؤلاء السادة الضالّون ـ ألقوا بضلالهم على اللّه.. ولم يسألوا أنفسهم : لما ذا أضلّهم اللّه ؟ ألم يكونوا حربا على الأنبياء ؟ ألم يكونوا أفواها نافخة لإطفاء كل شعلة من شعل الحق الذي حملوه إليهم..
لقد أضلهم اللّه لأنهم أرادوا الضلال، واستحبّوا العمى على الهدى..
« سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ ».
. المحيص : المفرّ، والخلاص، وأصله الحيدة عن المكروه، يقال : حاص، يحيص حيصا، وحيوصا، أي حاد..
ويمكن أن يكون هذا من كلام الذين استكبروا، كما يمكن أن يكون من كلام الذين استضعفوا، تعقيبا على هذا اليأس الذي جاءهم من جواب المستكبرين لهم.. كما يمكن كذلك أن يكون صوتا مردّدا من هؤلاء وأولئك جميعا..!
فإن المتكبرين والمستضعفين قد أصبحوا فى قبضة العذاب، ولن يفلتوا أبدا..
سواء أجزعوا من هذا العذاب، أم صبروا له.. وهيهات الصبر على هذا البلاء المبين..!
قوله تعالى :« وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ.. وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ » وهذا طرف ثالث من أطراف الخصومة بين الضعفاء والمستكبرين..
فإنه حين انتهى الموقف بينهما إلى هذا اليأس القاتل.. تلفتوا جميعا إلى الشيطان، إذ كان هو الذي أغواهم، وأوقعهم فى شباكه، وكأن لسان حالهم يقول له : ما عندك لنا ؟ لقد كنت أنت الذي دعوتنا إلى هذا الضلال الذي أصارنا إلى هذا المصير.. فهل تدعنا، وقد ألقيتنا فى هذا البلاء ؟
ويجيئهم الجواب من الشيطان، مفحما موئسا..