ج ٧، ص : ١٧٣
طعومه وتتفاضل مذاقاته.. كما يقول اللّه تعالى. « وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ ».
وكما قلنا : إن أكثر الشجر الطيّب طيبا، هو ما كثر خيره، واتصل عطاؤه، وقلّ الجهد المبذول فى تنميته ـ نقول إن أكثر الكلم الطيب طيبا هو ما كثر خيره. واتصل عطاؤه. وقلّ الجهد المبذول فى تحصيله وفهمه.
وإذا كانت النخلة ـ كما قلنا ـ هى الشجرة التي تتمثل فيها هذه الصفات، فإننا نستطيع أن نقول إن كلمة التوحيد. هى رأس الكلام الطيب كلّه، وأطيبه جميعه..
فكلمة « لا إله إلا اللّه » هى الكلمة الجامعة لكل خير، المشتملة على كل هدى، الموصلة إلى كل طيب، وبغير هذه الكلمة لا تثبت للإنسان قدم على طريق الهدى، ولا يطلع له نبت فى مغارس الخير..
وليست الكلمة فى ذاتها، من حيث هى كلمة، هى التي يكون لها هذا الوصف من الطيّب، أو تكون لها تلك الأوصاف من الخبث.. وإنما الكلمة ـ طيبة كانت أو خبيثة ـ لا يظهر طيبها، أو خبثها، إلا إذا التقت بعقل الإنسان، ونفذت إلى قلبه، وسرت فى مشاعره، وسكنت إلى وجدانه ـ عندئذ تخرج خبأها، وتصرّح عن مكنونها، وتعطى الثمر الطيب أو الخبيث الذي كان مستودعا فى كيانها ـ إنها أشبه بالنواة من الشجرة، والبذرة من النبات، لا ينكشف ما بها، حتى تعلق بالأرض، وتترعرع وتنمو، ثم تزهر، وتثمر..!
وكما أنه بالتجربة والاختبار، قد عرف ـ مقدما ـ ما تعطيه نواة هذه الشجرة أو تلك من ثمر، حلو أو مرّ، إذا هى غرست فى مغارسها وتهيأت لها أسباب


الصفحة التالية
Icon