ج ٧، ص : ١٨٢
الخبيث الذي كان مندسا فى كيانهم.. وكانت نعمة الإسلام التي لبسها من أراد اللّه لهم السعادة منهم. كانت هذه النعمة نقمة وبلاء على من لم يستجب لرسول اللّه، ولم يدخل فى دين اللّه.. وهكذا بدّل هؤلاء القوم نعمة اللّه كفرا.. إذ لبسوا بها ثوب الكفر، وكانوا قبل بعثة الرسول فيهم، على غير تلك الصفة.
ويجوز أن تكون النعمة التي بدّلها هؤلاء المشركون كفرا، هى الفطرة السليمة التي أودعها اللّه فيهم، فهم بفطرتهم مؤمنون، ولكنهم بما أدخلوا على هذه الفطرة من أهواء وضلالات، قد أفسدوها، فلما التقوا بالقرآن الكريم، لم تستسغه فطرتهم الفاسدة، ولم يجدوا فى هذه النعمة العظيمة التي ساقها اللّه إليهم ما ينتفعون به، بل نصبوا الحرب لها، وحالوا بين الناس وبينها.. فكانت تلك النعمة بلاء عليهم، ألبستهم لباس الكفر، وهى التي جاءت لتخلع عليهم خلع الإيمان.
ـ وفى قوله تعالى :« وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ » إشارة إلى أن رؤساء القوم الذين تصدّوا للدعوة الإسلامية، وحجزوا أتباعهم عنها، هم الذين أنزلوا قومهم هذا المنزل الدّون، وأوردوهم هذا المورد الوبيل..
قوله تعالى :« وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ ».
الأنداد : جمع ندّ، وهو المساوى، والمعادل..
والمعنى : أن من سفه هؤلاء الضالّين، المعاندين، الذين أبوا أن يستجيبوا لرسول اللّه ـ أنهم جعلوا للّه أندادا، ونظراء، عبدوهم كما يعبد المؤمن ربه، ودانوا لهم بالولاء، كما يدين المؤمن للّه ربّ العالمين!


الصفحة التالية
Icon