ج ٧، ص : ١٩٧
ـ وقوله :« رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ ».
. هو دعاء بأن يتقبل اللّه منه ما يدعو به لنفسه ولذريته.. فإذا قبل اللّه سبحانه قوله :« وَتَقَبَّلْ دُعاءِ » ـ كان ذلك إذنا منه سبحانه بقبول ما يدعوه به.. وكان مستجاب الدعوة عند اللّه.. وهذا غاية ما يطمح إليه المؤمن من رضا ربّه عليه، ولطفه به، ورحمته له..
وقد كان إبراهيم ـ عليه السلام ـ مستجاب الدعوة عند ربّه.. وكان نبينا محمد ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ دعوة مستجابة من دعوات إبراهيم، حيث دعا إبراهيم ربّه بما حكاه القرآن الكريم عنه فى قوله تعالى :« رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ » (١٢٩ : البقرة).. وفى هذا يقول النبي ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ :« أنا دعوة إبراهيم. »
قوله تعالى :« رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ » هو دعوة عامة، شملت المؤمنين جميعا، بعد أن بدأ إبراهيم بنفسه، ثم بوالديه..
وهذا أدب ربانىّ فى الدعاء، ينبغى أن يلتزمه المؤمن، وهو يدعو ربه..
ذلك، أن الدعاء، هو استمطار فضل من فضل اللّه، واستنزال رحمة من رحمته.. ومن الغبن للداعى أن يدعو بهذا الخير، ولا يأخذ نصيبه منه..
كما أنه من الأنانية والشحّ أن يحتجز الإنسان لنفسه هذا الخير المرتقب، ولا يشرك إخوانه المؤمنين فيه.. فرحمة اللّه واسعة، وعطاؤه جزل.. ودعوة مستجابة تسعد الناس جميعا..
روى أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، سمع وهو فى المسجد داعيا يدعو، فيقول :« اللهم ارحمني ومحمدا، ولا ترحم معنا أحدا » فقال صلى اللّه عليه وسلم