ج ٧، ص : ٣٠٨
ومن كان هذا ملكه وسلطانه، وذلك دينه الذي يعبد عليه من خلقه..
فإن عبادة غيره كفر، وعبادته على غير دينه الذي ارتضاه وأمر به، ضلال.
قوله تعالى :« وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ »..
الجأر، والجؤار : رفع الصوت عاليا..
والآية الكريمة، تحدّث عما للّه سبحانه وتعالى فى عباده من فضل وإحسان.. فكل ما هم فيه من نعم، هو من عند اللّه.. حياتهم التي يحيونها..
وحواسّهم، وجوارحهم، ونومهم ويقظتهم، وطعامهم وشرابهم، وما بين أيديهم من مال وبنين.. كل هذا، وأضعاف هذا مما يتقلبون فيه، ويقيمون وجودهم عليه، هو من عطاء اللّه، ومن فضل اللّه، ومن رحمة اللّه.. كذلك ما يبتلى به الإنسان من ضرّ هو من عند اللّه، وهو سبحانه الذي يدعى لكشف الضر، ويرجى لدفع الشدّة، كما يقول سبحانه :« قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ » (٤٠ ـ ٤١ : الأنعام).
وقوله تعالى :« ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ.. فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ».
ـ هو بيان لجحود الإنسان وكفرانه بفضل اللّه عليه، ومكره بنعمه..
فهو إذا أصابته نعمة، بطر، وكفر، وأعرض عن اللّه، وإذا مسّه ضرّ جأر إلى اللّه، ورفع صوته شاكيا متوجعا، وعاهد اللّه لئن كشف الضّرّ عنه، ليؤمننّ باللّه، وليستقيمن على صراطه المستقيم، فإذا كشف اللّه الضرّ عنه، نسى ما كان يدعو إليه من قبل، ولم يزده هذا الإحسان إلا ضلالا وكفرانا.. وقليل هم أولئك الذين يذكرون فى هذا الموقف ربّهم، ويشكرون له ما آتاهم من فضله..