ج ٧، ص : ٣٠٩
وفى هذا يقول اللّه تعالى :« وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ »..
ـ وفى قوله تعالى :« لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ » تهديد ووعيد، لهؤلاء الذين يمكرون بنعم اللّه، وينكثون عهدهم مع اللّه.. فليكفروا بما آتاهم اللّه من فضله، وليتمتعوا بما هم فيه من نعمة، فإن اللّه ـ سبحانه ـ لن يعجّل لهم العقاب، ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمّى، وسوف يعلمون عاقبة ما هم فيه من كفر وضلال..
وفى الانتقال من الغيبة إلى الخطاب فى قوله تعالى :« لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ » مواجهة لهؤلاء الكافرين الضالين، بالبلاء الذي ينتظرهم، وبالعذاب المعدّ لهم.. وفى تلك المواجهة التي يجدون فيها ريح العذاب ـ ما يدعوهم إلى النظر إلى أنفسهم، ومراجعة موقفهم الذي يشرف بهم على شفير جهنم..
وقوله تعالى :« وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ »..
ـ هو كشف عن وجه من وجوه الضلال، التي يعيش فيها المشركون باللّه، وهو أنهم لا يقفون بكفرهم بنعم اللّه عند حدّ جحدها، وجحد المنعم بها، بل يتجاوزون ذلك إلى أن يضيفوا هذه النعم إلى غير اللّه، وأن يقدّموها قربانا إلى ما يعبدون من دون اللّه، من أصنام! وهذا فوق أنه كفر باللّه، هو عدوان على اللّه، وحرب له..
ـ وفى قوله تعالى :« لِما لا يَعْلَمُونَ » حذف المفعول به، لإطلاق نفى العلم من هؤلاء المعبودين.. وأنهم لا يعلمون شيئا.. وفى هذا تشنيع على المشركين، وتسفيه لأحلامهم.. إذ عدلوا عن التعامل مع ربّ العالمين، الذي يعلم كل شىء، إلى التعامل مع ما لا يعلم شيئا..


الصفحة التالية
Icon