ج ٧، ص : ٣٦٠
إيمانهم، وكتاب شريعتهم، وهو القرآن الكريم، وأن يدعوا إلى تلاوته، ومدارسته، وتلقّى أصول الإيمان، وشريعة العمل.. من آياته وكلماته..
ومن آداب تلاوة القرآن، أن يستفتح التالي تلاوته بالاستعاذة باللّه من الشيطان الرجيم.. وذلك أن قارئ القرآن إنما يلتقى باللّه عن طريق كلمات اللّه التي يتلوها.. وإذ كان هذا شأنه، فقد كان من المناسب فى هذا اللقاء الكريم أن يخلى نفسه من وساوس الشيطان، ومن كل داعية إليه، وأن يرجم الشيطان بمشاعر الإيمان التي يستحضرها وهو يتهيأ للقاء اللّه مع كلمات اللّه.. ثم يستعين على ذلك باللّه، فيدعوه متعوّذا به من هذا الشيطان الرجيم، الذي رحمه اللّه سبحانه بلعنته، وطرده من مواقع رحمته..
فالدعوة إلى الاستعاذة باللّه من الشيطان الرجيم، فى هذا الموقف الذي يقف فيه الإنسان بين يدى كلمات اللّه، هى فى الواقع دعوة إلى إعلان الحرب من داخل الإنسان على هذا الشيطان، الذي يتربص بالإنسان، ويقعد له بكل سبيل.. وبهذا يقبل قارئ القرآن على آيات اللّه بقلب قد أخلاه لها من كل وسواس.. وبهذا أيضا تؤثّر كلمات اللّه أثرها الطيب فيه، فينال ما شاء اللّه أن ينال من ثمرها المبارك.
قوله تعالى :« إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ » ـ هو تعليل لتلك الدعوة إلى الاستعاذة من الشيطان الرجيم عند الاستفتاح بتلاوة القرآن الكريم.. وذلك أن الإنسان إذا ذكر اللّه، واستشعر جلاله وعظمته، ولجأ إليه، مستعيذا به من وساوس الشيطان، وكيده، ومكره ـ إنه إذا فعل الإنسان ذلك فرّ الشيطان من بين يديه، ونكص على عقبيه مستخزيا ذليلا، ولم يكن له ثمّة سلطان عليه حينئذ، لأنه أصبح بذلك من عباد اللّه الذين يقول اللّه سبحانه وتعالى فيهم :« إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ