ج ٧، ص : ٣٩٤
العطف بثم هنا، إشارة إلى الفاصل الزمنى بين رسالة إبراهيم، ورسالة محمد، عليهما الصلاة والسلام.. وليس هذا الفاصل الزمنى على امتداده بالذي يفصل بين حقيقة الرسالتين، فهما من معدن واحد.. بل هما شىء واحد، فى الأصل الذي قامتا عليه، وهو توحيد اللّه، وإخلاص العبودية.
قوله تعالى :« إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ »..
السبت هو اليوم الذي جعله اللّه لبنى إسرائيل، يوم طاعة وعبادة، يتخففون فيه من شئون الحياة الدنيا، ويراجعون أنفسهم فيما وقع منهم من سيئات، خلال أيام الأسبوع الستة.. وبذلك يمكن أن يجد الواحد منهم فرصته فى إصلاح نفسه، وتصحيح أخطائه، قبل أن يمضى بها الزمن فينساها، أو تكثر ويزحم بعضها بعضا، فيعجز عن معالجتها، وتفتر عزيمته عن لقائها..
هكذا كان يوم السبت، لبنى إسرائيل، يوما خالصا للّه، وفرصة مهيأة للتطهر من الآثام، والتخفف من الذنوب.. شأنهم فى هذا شأن النصارى فى يوم الأحد، والمسلمين فى يوم الجمعة.. فهذا اليوم من كل أسبوع، هو أشبه بالمنازل التي ينزلها المسافر خلال رحلة طويلة شاقة، حيث تتهيّأ له فى هذا المنزل فرصة للراحة والاستجمام، والتزود بالماء والطعام، وإصلاح أدوات السفر ومعدّاته، إلى غير ذلك مما يعين المسافر على قطع المرحلة القادمة، من رحلته.. وهكذا..
حتى تنتهى الرحلة، ويلقى عصا التسيار!..
ولو أحسن بنو إسرائيل استقبال هذا اليوم، واستقاموا على ما أمرهم اللّه به فيه ـ لكان لهم من ذلك خير كثير فى دينهم ودنياهم جميعا.. ولكنهم مكروا بنعمة اللّه وكفروا بها، شأنهم فى هذا هو شأنهم مع كل نعمة أنعم اللّه بها