ج ٨، ص : ٥٠٥
أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً »
..
المشار إليه هنا باسم الإشارة « أولئك » ـ هم المؤمنون الذين يعبدون اللّه، إلها سميعا بصيرا مجيبا.. وهؤلاء المؤمنون، هم فى مقابل أولئك المشركين الذين يدعون خشبا مسنّدة، أو أحجارا منحوتة.. لا تسمع ولا تبصر.. وشتان بين دعاء ودعاء! وفى الإشارة إلى المؤمنين من غير ذكرهم، تنويه بهم، ورفع لمنزلتهم، وأنهم أعرف من أن يعرّفوا..
ـ وفى قوله تعالى :« يَدْعُونَ » وفى حذف المفعول به، إشارة إلى أنهم يدعون من ينبغى أن يدعى، إذ لا مدعوّ ـ على الحقيقة ـ غيره، وهو اللّه سبحانه وتعالى..
ـ وفى قوله تعالى :« يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ » بيان لما يدعو به المؤمنون ربّهم، وهو أنهم يدعونه مسبّحين بحمده، شاكرين لفضله.. فهذا هو دعاء المؤمنين : عبادة، وصلاة، وتسبيح.. وفى هذا يقول اللّه تعالى :« وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ » (٢٨ :
الكهف)..
وابتغاء الوسيلة، طلبها، وإدراكها.. والوسيلة ما يتوسّل به، ويتقرب به إلى اللّه، من عبادات وقربات.
ـ وفى قوله تعالى :« أَيُّهُمْ أَقْرَبُ » إشارة إلى محذوف، تقديره : أيهم أقرب إلى ربّه أكثر توسلا إليه بالطاعات والعبادات.. إذ أنه كلما قرب العبد من ربّه، اشتدت خشيته له، لازدياد معرفته بجلاله، وعظمته، فيشتدّ حرصه على مرضاته، والتفانى فى العبودية والعبادة، ليزداد من اللّه قربا، كلما ازداد طاعة وخشوعا وعبودية.


الصفحة التالية
Icon