ج ٨، ص : ٦٩١
إن الرضا بالواقع الكريه البغيض، ليس فى الإسلام، ولا من الإسلام..
لأن ذلك معناه إهدار لعقل الإنسان أن يفكر، وتعطيل لإرادته أن تعمل ووقوف بالحياة أن تتحرك، بل وتمكين للشر أن يستشرى، واعتراف للباطل أن يقيم حيث شاء.. آمنا مطمئنا، لا يلقاه أحد بإنكار، ولا يزعجه منكر بسوء!..
وكلّا.. فإن هذا غير سبيل الأحياء فى الحياة، كما هو غير سبيل الدّين والمتدينين..
وتاريخ الإسلام، يحكى فصولا طويلة، مثّل فيها هذا الدور الغبىّ الدخيل على الإسلام، فقتل فى الناس الهمم الصادقة، وأطفأ من صدورهم وقدة العزمات المتوثبة لملاقاة البغي وردع الباغين.. وذلك حين قام فى الناس من يدعونهم إلى الاستسلام للقدر، والرضا بالمقدور.. وتلك كلمة حق أريد بها باطل..
إذ كانت أشبه بمخدّر ثقيل، أمات فى الناس مشاعر الإحساس بكل ظلم، فاستساغوا طعمه، واستناموا فى ظلّه، يجترّون كل ما يلقى إليهم من عسف، وما يساق إليهم من بلاء.. وإنه لو لا هذا ما استطال حكم أمراء السوء، ولا امتدّ سلطان الملوك والسلاطين الباغين المفسدين، دون أن يلقاهم أحد بنكير، أو يؤاخذهم مؤاخذ بما اقترفوا من مظالم، وما ارتكبوا من آثام..
إن مهمّة الرسل، والمصلحين فى الناس، إنما هى فى صميمها ثورة على أوضاع قائمة جائرة، وحرب على مظالم صارخة، هى فى نظر الحق والعدل منكرات يجب أن تزول، وهى عند البغاة والمتسلطين حق مشروع، ثم هى عند أدعياء الإيمان قدر مقدور! ولا نريد أن ندع هذا البحث فى « القضاء والقدر » قبل أن نذكر رأيا


الصفحة التالية
Icon