ج ٨، ص : ٧٠٩
نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ؟ ».
« قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً ».
«آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ.. حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قالَ انْفُخُوا.. حَتَّى إِذا جَعَلَهُ ناراً قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً »..
هذه هى قصة إقامة « الردم » كما سماه ذو القرنين، أو « السد » كما طلبه القوم..
إن مادته من قطع الحديد، التي جمعها القوم من كل مكان. وجعلوا منها جسرا كبيرا يسدّ الفراغ الذي كان بين الجبلين، والذي كان ينفذ منه يأجوج ومأجوج إلى القوم..
وقد أمر ذو القرنين القوم أن يوقدوا على هذا الحديد، النار، وأن يستعملوا المنافيخ كى يشتدّ اشتعال النار. وينصهر الحديد..
فلما تم له ذلك، دعا القوم إلى أن يأتوا (بالقطر) وهو النحاس المذاب، فيفرغوه فوق هذا الحديد المنصهر، فيمسك بعضه ببعض، كما يفعل الملاط بأحجار البناء..
ولا شك أن الحديد لم يكن هو كل مادة البناء التي بنى بها « الردم »..
وإنما كان هو العنصر القوى فيها، بل هو كذلك العنصر الغريب غير المألوف فى البناء..
ولهذا اختص بالذكر.. وهناك الأحجار، والرمال، وغيرها مما اتخذ فى مادة البناء مع الحديد، والتي بها أمكن تسوية السدّ، وإلا لو كان السدّ حديدا حالصا لا حتاج إلى مالا تحتمله الطاقة البشرية، وخاصة فى هذا الزمن البعيد، مع تلك الوسائل البدائية المحدودة للحصول عليه..