ج ٩، ص : ١٢٠٤
وهكذا ينظر الإسلام إلى الأسرة، ويعدّها « البوتقة » الأولى، التي تنصب فيها مبادئه، وتختبر أحكامه، وتثمر شريعته.. فإنه إذا ظهرت آثار هذه الشريعة فى مجتمع الأسرة، وقامت منها تلك « الخلية » السليمة، القوية، المحصنة من آفات الانحلال والتفكك ـ كان المجتمع الذي يقوم من اجتماع هذه الخلايا، مجتمعا سليما قويا.. أشبه بالجسد السليم القوى، الذي لا تنال منه الآفات والعلل.. إذا عرضت له..
وسلامة الرباط الذي يقوم بين الزوجين، وقيام الرابطة الزوجية فى ضمان من التحلل والتفكك، وفى أمان من الشك والارتياب ـ هو الأساس الذي تقوم عليه الصلات الروحية، والنفسية، والمادية بين أعضاء هذه الأسرة، التي يبنيها الزوج والزوجة معا..
من أجل هذا وقفت شريعة الإسلام هذه الوقفة الحكيمة الحازمة، من أمر الزنا، وعدّته آفة مهلكة إذا لم يأخذ المجتمع كله السبيل عليها، وينكّل بالذين يعتدون على حرمته ويهددون أمنه وسلامته، ويدكون صرح بنيانه، باقتراف هذا المنكر..
وقد فرق الإسلام فى العقوبة بين المحصنين وغير المحصنين، لما بين الفريقين من اختلاف فى الحاجة، وفى الدافع إليها.
فالحدّ الذي فرضه الإسلام، هو مائة جلدة لغير المحصن، من النساء والرجال :
« الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ »..
أما المحصن من الرجال والنساء، فحدّه الموت.. رجما بالحجارة.
فإذا توافرت أركان هذه الجريمة بما يوجب الحد، وجب الحد، ولزم.
ثم إنه إذا أقيم الحد ـ جلدا أو رجما ـ وجب أن يكون علنا، يشهده طائفة