ج ٩، ص : ١٢٣٥
أذى.. أما ما وراء ذلك ـ وإن عظم ـ فهو هين، يمكن أن تتحمله النفس وتصبر عليه..
ومن هنا ندرك، ما كان يعالجه الصدّيق من هموم، وما يعاينه من آلام!..
فهو ـ كمؤمن من المؤمنين، وأكثرهم حملا لأعباء الإسلام ـ قد أخذ بنصيبه الأوفى من تلك التهمة..
ثم هو كأكثر المؤمنين حبّا لرسول اللّه، وتعلقا به، وإيثارا له.. قد ذهب بالنصيب الأوفر منها..
ثم هو كأب لأم المؤمنين، وكسيد من سادات القوم، يحرص على شرفه ـ قد أخذ نصيبه كاملا منها..
ومع هذا كله، ومع تلك الأعباء الثقال التي حملها ـ فإنه ـ رضوان اللّه عليه لم ير النبىّ إلا ما يحبّ، ولم يسمعه إلا ما يرضيه.. وإنه لو استطاع أن يحمل عن النبىّ ما حمل من هذا الأمر لفعل.. ولكنه كان أبدا مع قوله تعالى :« فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ »..
ومن هنا أيضا ندرك بعض السرّ فى أن كان من تدبير اللّه سبحانه وتعالى، ومن فضله العظيم على أبى بكر وإحسانه العميم إليه.. أن تتنزل رحمات اللّه على هذا البيت الكريم، الذي تعرض لهذه العاصفة الهوجاء المجنونة، وأن يطلع منه هذا النور السماوىّ الوهاج، الذي يفضح دعاة الإفك، ويخزيهم، ويسمهم بسمات الذلة، ويقيمهم فى قفص الاتهام إلى يوم الدين، حيث ينظر إليهم نظرة اتهام، كلّ قارئ لكتاب اللّه، مرتل لتلك الآيات البينات، التي نزل بها الروح الأمين على الرسول الكريم، فى بيت الصدّيق، وعلى مشهد